تحل اليوم الذكرى السنوية الثانية لرحيل الشيخ زايد -رحمه الله – مؤسس الدولة وباني نهضتها، وهي ذكرى غالية على كل مواطن ومقيم على أرض الدولة بل على كل عربي وإنسان على وجه الأرض، فالفقيد يجسد منطقة ناصعة في الذاكرة الإنسانية، يزدهر فيها ما زرعه من حب للناس، وما غرسه من فضائل وإنجازات تغرد في ساحات الوطن وفضاء عالمه العربي والإسلامي••
نتذكر في هذه الأيام نموذجاً فريداً في حب الوطن والإخلاص لشعبه وأمته ودينه وعالمه، وفي الوقت نفسه نرى بأعيننا وقلوبنا خطوات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة- حفظه الله – على نفس طريق الوالد والقائد والمعلم لتستمر المسيرة التنموية العملاقة بثقة واطمئنان ومحبة، فهو بحق خير خلف لخير سلف، حيث تتوالى الإنجازات وتتراص في بنيان شامخ يزاد قوة وصلابة يوماً بعد يوم•
الموضوع:
مولده:
ولد الشيخ / زايد بن سلطان آل نهيان في عام 1918 م في قلعة الحصن التي بناها والده الشيخ / سلطان في مدينة أبوظبي في عام 1910م ، وهو الابن الرابع للشيخ سلطان بن زايد بن خليفة الذي كان ترتيبه الرابع عشر في سلسلة حكام آل نهيان,وقد سمي زايداً تيمناً بجده لأبيه زايد الكبير أمير بني ياس ، الذي كان بطل في أيامه واستمر حاكما لامارة أبوظبي من عام 1855 وحتى عام 1909,و لقد جاء الشيخ / زايد إلى الدنيا ، وسط النكبات والأزمات العنيفة والأحداث المأساوية الأليمة التي كانت قد توالت على الاسره الحاكمة في أبوظبي بعد وفاة رائدها زايد الكبير في عام 1909م.
طفولته:
عاش الشيخ / زايد طفولته في قصر الحصن الكائن حاليا في قلب العاصمة أبوظبي ، وفي زمن شهد ندرة المدارس إلا من بضعة كتاتيب ، دفع به والده إلى معلم ليعلمه أصول الدين ، وحفظ القرآن الكريم ، ونسج من معانيه نمط حياته ، وبدأ يعي أن كتاب الله جل جلاله ليس فقط كتاب دين ، وإنما هو الدستور المنظم الشامل لجميع جوانب الحياة ، وفي السنة السابعة من عمره كان يجلس في مجلس والده الشيخ / سلطان ، وكان الطفل زايد يلتقط ويتعلم العلم من مجلس أبيه ، فتعلم أصول العادات العربية ، والتقاليد الأصيلة ، والشهامة ، والمروة ، والشرف ، وتعلم الأمور السياسية والحوار السياسي ، ورغم تفوقه إلا أنه يعترف هو نفسه بأنه كان أحياناً يرفض التعليم ، وأحياناً كان متمرداً على معلمه ، وفي مرحلة يفاعته بدأت ثقافته تكتسب بعداً جديداً ، فولع بالأدب ، واظهر الاهتمام بمعرفة وقائع العرب وأيامهم ، وكان من أمتع أوقاته الجلوس إلى كبار السن ليحدثوه عما يعرفوه من سير الأجداد وبطولاتهم.
هواياته:
كبر الشيخ / زايد ، وترعرع ، وتعلم الفروسية ، والقنص ، وكان يفضل المرح والقنص في الصحراء أو الجبال القريبة أو المنافسة مع أصدقائه وأقرانه ، كما تولع منذ طفولته بحب الخيل ، حيث كان يتردد إلى إسطبل العائلة للخيول العربية الأصيلة في مزيد .
شخصيته:
الشيخ / زايد عربي مسلم ، ذو سمات إنسانية ، وهو رجل واضح الذاتية ، وطيد الأصالة ، مفتوح الطموح ، مكفول الحاجات ، رشيد التصرف ، كريم المنزلة ، غير منكمش ولا هياب ، جم القدرة على الابتكار والإبداع.
بعض من أقواله:
" الكتاب هو وعاء العلم والحضارة والثقافة والمعرفة والآداب والفنون ، وأن الأمم لا تقاس بثرواتها المادية وحدها وإنما تقاس بأصالتها الحضارية .
" إن أفضل استثمار للمال هو استثماره في خلق أجيال من المتعلمين والمثقفين، علينا أن نسابق الزمن وأن تكون خطواتنا نحو تحصيل العلم والتزود بالمعرفة أسرع من خطانا في أي مجال آخر.
مواقفه:
أقام صاحب السمو الشيخ زايد عدد من المشروعات السكنية التي تحمل اسمه في مدينة القدس ، وكذلك عدد من مشاريع الترميم في المدينة وأمر كذلك مؤسسة زايد للأعمال الخيرية وجمعية الهلال الأحمر بالدولة بتلبية المتطلبات الطبية ، والتعليمية ، والاجتماعية ، لسكان القدس المحتلة ، وتوفير ما يلزم لدعم المؤسسات المعنية بهذه النشاطات حتى يتسنى للمدينة المقدسة الصمود في وجه محاولات التهويد المستمرة .
لقد وضع الشيخ زايد أزمة الخليج في إطارها الصحيح حين أكد موقف دولة الإمارات الرافض للعدوان العراقي المنبوذ وأشار بكل وضوح إلى أن حل الأزمة يتمثل في الانسحاب العراقي التام وغير المشروط من الكويت,و لقد كان لمواقف الشيخ زايد الثابتة ، والتزامه بالعهود ، والمواثيق الأخلاقية ، والإنسانية ، والدفاع عنها مهما كانت النتائج والتضحيات ، لهي مميزات إسلامية في قيادته الحكيمة أكدتها التجربة ، ورسختها الممارسة .
جوائز وأوسمة الشيخ زايد:
• وشاح جامعة الدول العربية (1993).
• الوسام الذهبي للتاريخ العربي(1995).
• جوائز أعمال الخليج 96.
• وسام المحافظة علي البيئة الباكستاني.
• زايد داعية البيئة.
• أبرز شخصية عالمية 1998.
• زايد شخصية العام 1999 الإسلامية.
• ميدالية اليوم العالمي للأغذية(2017).
• جائزة كان الكبرى للمياه(2017).
نتائج الشيخ زايد (رحمه الله):
1_عقد حكام الإمارات التسع اجتماعا في دبي أعلن في نهايته عن توقيع اتفاقية لإقامة اتحاد يشمل إمارات أبوظبي والبحرين ودبي وقطر وأم القيوين والشارقة وراس الخيمة والفجيرة وعجمان على إن يبدأ العمل في نهاية الشهر التالي ، ويحمل اسم اتحاد الإمارات العربية ، وقد أرست هذه الاتفاقية قواعد اتحاد الإمارات العربية ككيان سياسي موحد.
2_ أدرك زايد وفي السنوات الأولى من عمر دولة الاتحاد أن العلم والعمل هما الطريق نحو رفعة الأمة وتقدمها وبناء الإنسان فسارع زايد إلى إعطاء الأوامر السامية ببناء المدارس ومراكز التعليم في مختلف مناطق الدولة.
3_زرع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فينا نحن الأجيال الجديدة حب التراث وحب العادات والتقاليد حيث أن للماضي رائحة طيبة عبقة يشتمها الكبار فيحسون بالحنين له ويشتمها الصغار فيحسون بالنشوة والاعتزاز والفخر ولا أروع من الفخر عند العرب من الفخر بأصولهم وأنسابهم وعاداتهم.
4_اهتم زايد بالبيئة الإماراتية وأولاها عناية كبيرة كيف لا وهي التي أخرجت من رحمها رجالاًَ أشداء بنوا هذه الأرض وعمروها وأقاموا عليها دولة حديثة متطورة ولذلك دعا زايد إلى المحافظة عليها وحمايتها فتم إنشاء المحميات الطبيعية المزروعة بالأشجار الصحراوية والتي تمثل بيئة صالحة للحيوانات البرية للحياة فيها مثل الغزلان والأرانب البرية ومختلف أنواع الطيور .
5_ قامت الدولة بتهيئة العديد من الأراضي عن طريق تسوية الأرض وحرثها ومد شبكات الري الحديثة فيها وقامت بزراعتها بشكل مبدئي بأشجار صحراوية قادرة على تحمل ملوحة التربة وحرارة الجو وتم استخدام الطرق الحديثة في الري مثل التنقيط والتقطير والرش وتم توفير الأسمدة الزراعية العضوية والكيماوية وقامت الدولة في نفس الوقت بتشجيع الزراعة وتم استغلال الإعلام والإرشاد الزراعي في هذا المجال وإضافة إلى ذلك تم توزيع الأراضي الزراعية على المواطنين وبالمجان وتم توفير الدعم اللازم لهم عن طريق حفر الآبار وإنشاء الأحواض والبيوت البلاستيكية وتوزيع الشتلات ودعم الأسمدة والبذور واستجلاب المهندسين والعمال وفعلاً لم تبخل دولة الإمارات في أي شيء يساعد في نشر الرقعة الخضراء في أراضي الإمارات ..
وفاته
توفي الشيخ زايد في 2 نوفمبر 2024 ليخلفه في اليوم التالي رئيساً لدولة الإمارات وحاكماً لإمارة أبوظبي ابنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
الخاتمة :
زايد ليس مجرد زعيم نتغنى بأمجاده وإنجازاته .. زايد دنيا من الحب نعيشها .. زايد هو الأب والدولة والقائد .. زايد هو شيخ كل العرب وأمير كل الفرسان .. زايد هو الرجل الذي صنع المعجزة وبنى المستحيل ووضع يديه المعطاءة في الأرض اليابسة فجعلها جنة سندسية اللون تتباهى كعروس في يوم عرسها لتصبح إماراتي الجميلة في مقدمة الدول وينتقل الإنسان الإماراتي إلى مستوى أرقى وأفضل .. فشكراً يا زايد ، شكراً يا أبي .. وعندما يتحدث الحب في قلوبنا لابد أن ينطق باسم زايد .
المراجع :
– كتاب صقر الصحراء
– كتاب بقوة الإتحاد/ القائد والدولة
آرجو التقييم..:)