التدخل الأجنبي في دولة الإمارات-الفصل الثاني الصف الرابع 2024.

التدخل الأجنبي في دولة الإمارات:

مر على الإمارات العربية المتحدة أوقات تدخل الأجنبي بها حينما استعمرها وألحقها به اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
والناظر في التاريخ يتضح له ذلك.
وقد كان الموقع المميز للمنطقة سببًا في طمع الآخرين ودافعًا مباشرًا للاعتداءات التي تعرضت لها المنطقة؛ بهدف السيطرة على دورها، وتقويض سلطتها في هذه المنطقة الحيوية .
مرت المنطقة بمراحل متعددة من الوجود الأجنبي بدأت بمرحلة
السيطرة البرتغالية، تلتها مرحلة الاحتلال الهولندي ثم مرحلة السيطرة البريطانية.
و تراوحت هذه المراحل ما بين الحرب والسلم؛ حيث استطاع السكان من خلال فترات السلم، ومن خلال خبرتهم البحريـة إنعاش الحركة الملاحية والتـجارية في المحيط الهندي وبحر العرب، وقد مكنهم من ذلك موقعهم المميز الذي يجعلهم حلقة وصل بين أوروبا والهند وشرق آسيا.

الاحتلال البرتغالي وتدخله في الإمارات:

فالاحتلال البرتغالي وتدخله في الإمارات بدأ حينما اكتشف رأس الرجاء الصالح ، ونزول قوات عسكرية في المحيط الهندي والخليج العربي أدى إلى تثبيت سيطرة البرتغاليين في المنطقة ،وقد عزز البرتغاليون احتكارهم من خلال بناء مستوطنات محصنة في المحيط الهندي، تساندها دورية بحرية منتظمة، كما أنهم ألزموا التجار بشراء تصاريح ؛ لضمان سلامتهم ، وكذلك دفع رسوم جمركية .

استمرت هذه الفترة حتى عام 1560مـ حيث بدأ البرتغاليون يواجهون مقاومة من أهالي الخليج
لقد استمر الاحتلال البرتغالي للمنطقة نحو قرنين من الزمن، قاموا خلالها بالقضاء على كل أثر للتجارة العربية على سواحل عمان، غير أن أهالي المنطقة قاموا بتوحيد قواهم في الإمارات وسلطنة عمان تحت اسم دولة اليعاربة بقيادة الإمام ناصر بن مرشد؛ حيث شنوا هجومًا ضد البرتغاليين في منطقة الخليج و سواحل أفريقيا ، وتمكنوا من إخراجهم؛ الأمر الذي أفقد البرتغاليين السيطرة على كافة مناطق المحيط الهندي، ومن ثم قام البريطانيون و الهولنديون بالقضاء التام على السيطرة البرتغالية بعد معركة بندر عباس عام 1625مـ .

التدخل الهولندي:

مع بداية القرن السابع عشر أصبحالهولنديونالقوة المسيطرة في المحيط الهندي والخليج العربي.

التدخل البريطاني:

في عام 1810مـ تمكنت الحملة البحرية البريطانية بقيادة كرومبي من ضرب جزيرة مورشيوس التي كانت قاعدة انطلاق الهجمات الفرنسية ضد البريطانيين؛ مما مكنهم من أن يصبحوا القوة الوحيدة المهيمنة على المنطقة .

بدأ الإنجليز في هذه الفترة بإجراء المسوحات في الموانئ، وفي مغاصات اللؤلؤ؛ للتعرف على طبيعة المنطقة، الأمر الذي زاد من نشاط القواسم في تتبع السفن البريطانية في المحيط الهندي (1811- 1818مـ) حتى أنهم وصلوا إلى مسافة تبعد نحو 60 كم عن بومباي، الأمر الذي دفع البريطانيين إلى وضع خطط لتدمير قوة القواسم وإضعاف اتحادهم؛ لأنها كانت ترى فيهم مجموعة من القراصنة ، فأرسلت حملة بقيادة الجنرال كير إلى رأس الخيمة، فأظهر القواسم صورة رائعة في الشجاعة، غير أن القصف المدفعي لمدة ستة أيام على مواقع القواسم أدى إلى تدمير قواتهم، وحرق سفنهم، وتفتت الاتحاد؛ فكان نتيجة ذلك أن سيطر البريطانيون سيطرة كاملة على الخليج العربي.

وبدأ الدخول مع مشايخ سواحل الخليج في معاهدات سلام، كان أشهرها: معاهدة ( السلام العامة 1820مـ)،فوضعت منذ ذلك الوقت قوة بحرية في رأس الخيمة، ومن ثم قوة في قشم؛ وذلك للإشراف على المعاهدات التي وقعتها .

وفي الشارقة عام 1823مـ ، وكان ماك لويد أول مقيّم سياسي بريطاني عام 1822مـ ؛ حيث عمل على تنفيذ تعليمات الحكومة البريطانية في الحفاظ على أمن الخليج العربي، وإخماد أية مقاومة عربية، وأن يعمل على حماية التجارة البريطانية، وأن يتعامل بكافة أساليب الحزم والود مع شيوخ الخليج.

كما جعلوا إدارة الوكيل السياسي للساحل المهادن 1823 في الشارقة؛ لأنها كانت تعتبر أكثر مناطق الساحل خطورة، وعين له وكلاء محليين؛ مما جعله الملك غير المتوج على المنطقة.
لقد كانت الحكومة البريطانية تتدخل في كافة شؤون القبائل؛ بحجة تسوية النزاعات، وعمدت عام 1835م إلى فرض نظام الهدنة الذي ينص على وقف القتال لمدة ستة أشهر، ومعاقبة من يخالف بدفع التعويضات؛ الأمر الذي أعطى البريطانيين المزيد من الهيمنة على المنطقة تجلت آثار هذه الهيمنة في تخفيض عدد السفن البريطانية في الخليج .

شجعت هذه السيطرة البريطانيين على عقد الهدنة البحرية عام 1847مـ مع مشايخ الساحل العماني، وهدنة عام 1853مـ سميت باتفاق " السلام الدائم" الذي اعتبرته انتصاراً لسياستها، وثبتت به قواعدها، وبالتالي التدخل في شؤون المشيخات الداخلية، وإضعاف المشيخات العربية، وضياع الجزر العربية من أيدي العرب.

في عام 1932 م حاولت الحكومة البريطانية انتهاج سياسية توحيد الإمارات ، وقد وضعت خطوطًا أساسية: كتوحيد التعليم، والبريد، وإنشاء قوة عسكرية ، وتكوين مجلس أعلى للحكام، غير أن الظروف السياسية لم تكن مناسبة؛ فمن الصعب قيام أي نموذج اتحادي، والإمارات السبع تحت الحماية البريطانية.

لقد حكم البريطانيون الساحل العماني عن طريق شركة الهند الشرقية البريطانية حتى عام 1947مـ حيث انتهى الدور الذي تلعبه الهند في الخليج، فبعد الانسحاب البريطاني من الهند أصبح الخليج تابعًا لوزارة الخارجية البريطانية، التي حاولت تحت ضغط الظروف أن تجمل صورتها في الخليج؛ لتشكل عام 1952مـ مجلس الإمارات المتصالحة في محاولة لانتهاج سياسة إيجابية في المنطقة، واستمر المجلس يدير شؤون الإمارات تحت الإشراف البريطاني حتى انسحاب بريطانيا من الخليج عام 1971مـ.

المراجع:
1. كتاب (من الإمارات المتصالحة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة) – فراوكة هيرد باي – البرتغاليون يجتاحون السواحل العربية ص 271-273 .
2. كتاب الفوائد في أصول البحر و القواعد – أحمد بن ماجد و الكتاب المأخوذ عنه و المترجم للإنجليزية البحارة العربفي المحيط الهندي قبل قدوم البرتغاليين طبع عام 1971 في لندن.
3. د.عبدالهادي التازي "ابن ماجد و البرتغال"ط3 ، 2024.
4. غزاة في الخليج : الغزو الهولندي للخليج العربي و المقاومة العربية ، هيفاء عبدالعزيز
5. كتاب من الإمارات المتصالحة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة – فراوكة هير باي – فصل بواكير المصالح الإنجليزية في الخليج – ص 279-280.
6. شركة الهند الشرقية البريطانية ودورها في الخليج ، د.علي عبد الله الفارس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.